الجمعة 29 مارس 2024 مـ 10:48 صـ 19 رمضان 1445 هـ
موقع هدف
موقع هدف
موقع هدف
موقع هدف
رئيس مجلس الأمناء مجدي صادقرئيس التحرير محمود معروفأمين الصندوق عادل حسين

حرب أوكرانيا الثانية عبدالحليم قنديل

عبد الحليم قنديل
عبد الحليم قنديل

بعد أيام ، تدخل حرب أوكرانيا عامها الثانى ، وربما من نفس النمطة التى بدأ عندها العام األول ، أى من إلليم "الدونباس" الصناعى الزاخر بالمناجم ، ويضم مماطعتى "دونيتسن" و"لوجانسن" المتداخلتين ، ولد أعلن حلفاء روسيا األوكران استماللهما عام 4102 ، ودارت حرب محلية طاحنة مع الجيش األوكرانى وسلطة "كييؾ" ، استردت فيها "كييؾ" عددا من المدن ، ونملت عاصمة "دونيتسن" من المدينة المعروفة باالسم نفسه إلى "كراماتورسن" ؼربا ، وتدخلت فرنسا وألمانيا بالنيابة عن المعسكر الؽربى ، وتواصلت مع "موسكو" و"كييؾ" بحثا عن تسوية ، الحت فرصها باجتماع الربيس الروسى "فالديمير بوتين مع الربيس األوكرانى ولتها "بيترو بوروشينكو" ، على هامش احتفاالت الذكرى السبعين إلنزال الموات األمريكية على شاطا "نورماندى" الفرنسية فى الحرب العالمية الثانية ، وولدت "صيؽة نورماندى" التى توصلت فى "بيالروسيا" إلى ما يعرؾ باسم "اتفاق مينسن ـ 4 ، "الذى منح صيؽة مطورة للحكم الذاتى فى "دونيتسن" و"لوجانسن" الناطمتين ؼالبا باللؽة الروسية ، وأعالت سلطة "كييؾ" تنفيذ االتفاق لسنوات ، زاد فيها ؼضب "بوتين" ، وإلى أن أعلن اعترافه الرسمى بجمهوريتى "الدونباس" فى 40 فبراير 4144 ، وألدم بعدها على ما تسميه روسيا عمليتها العسكرية الخاصة ، التى أضافت مماطعتى "خيرسون" و"زاباروجيا" إلى لابمة األهداؾ المباشرة ، وأعلنت ضم المماطعات األربع إلى روسيا أواخر سبتمبر 4144 ، وتعرضت النتكاسات ميدان فى الخريؾ ، أعادت بعدها تنظيم لواتها على خط الجبهة الممتد أللؾ كيلومتر شرق نهر "الدنيبرو" . وفى الشتاء الذى تتجمد ثلوجه اليوم ، استعادت الموات الروسية زمام المبادرة ، خصوصا بعد إعالن تعببة جزبية ، زادت عديد لوات موسكو والحلفاء إلى نحو نصؾ مليون جندى ، ولجؤت إلى عمليات لتال متمهلة ، تمدمت فيها مترا فمتر ، وراحت تمضم لرى وبلدات ومدن صؽيرة ، أؼلبها حول مدينة "باخموت" ، وعلى خط "كراسنى ليمان" إلى "كوبيانسن" فى مماطعة "خاركيؾ" ، وصارت السيطرة على "باخموت" مسؤلة ولت عابر ، فى حين تستمسن بها "كييؾ" ، ويطلك عليها الربيس األوكرانى "فولوديمير زيلينسكى" صفة "الحصن المنيع" ، بينما تدور داخلها حرب شوارع طاحنة ، ويسمط المتلى 2 األوكران فى "مفرمة لحم" رهيبة ، وتتملص طرق اإلمداد ، وتبدو الكفة أرجح لصالح "جماعة فاجنر" المحاربة مع الموات الروسية ، التى تعتبر االستيالء على "باخموت" مفتاحا للتمدم إلى "سالفيانسن" و"كراماتورسن" ، وإكمال السيطرة على "الدونباس" تماما ، فيما يعتمد أنه الهدؾ األول للحرب الثانية وللهجوم الروسى الكثيؾ المنتظر ، الذى لد يبدأ مباشرة بعد خطاب "بوتين" فى الذكرى األولى إلطالق المتال الروسى فى أوكرانيا ، ولد شابه اإلضطراب والتشوش فى البداية ، واعتمد على لوات ؼير كافية ، وذهب إلى ضواحى "كييؾ" ، ثم عاد منها ، بعد مفاوضات جرت فى "اسطنبول" التركية أبريل 4144 ، انتهت ولتها إلى شبه اتفاق ، بدا مشجعا لموسكو ، وركز على تعهد أوكرانيا بالحياد وعدم االنضمام لحلؾ شمال األطلنطى "الناتو" ، وتناسى لضية "شبه جزيرة المرم" ، التى ضمتها روسيا بهجوم خاطؾ فى فبراير 4102 ، لكن "كييؾ" تراجعت عن االتفاق بسرعة تحت ضؽط واشنطن ، التى أؼراها انسحاب الروس من حول "كييؾ" ، ولررت المفز إلى هدؾ "إضعاؾ روسيا" وهزيمتها ، بمداومة الحرب "حتى آخر جندى أوكرانى" ، وتحويل المعركة من حرب ذات طابع عالمى ظاهر ، إلى حرب عالمية اخترلت كل الخطوط الحمراء دون المستوى النووى ، وهو ما لاد إلى تؽير محسوس فى التصور الروسى ، جوهره أن التفاوض لم يعد واردا ، وأن "كسب السلم" لم يعد ممكنا بؽير "كسب الحرب" ، والتحول من التمدم العسكرى الروسى الجزبى إلى الحسم الكامل ، وبما لد يتجاوز حدود ضم المماطعات األربع ، مع نمل ليادة العملية إلى الجنرال "فاليرى جيراسيموؾ" لابد األركان الروسية نفسه . وهكذا يدخل الصدام دورته الثانية ، ولد انمشعت سحابات األوهام كلها ، ولم يعد الكسب الروسى المحتمل للحرب هزيمة ألوكرانيا وحدها ، بل هزيمة لواشنطن و"الناتو" والؽرب كله ، وهو ما يفسر اندفاع أمريكا إلى آخر الشوط ، وليادتها لتحالؾ الخمسين دولة فى جماعة "رامشتاين" ، التى عمدت أطرافها األطلنطية اجتماعا لبل أيام فى "بروكسل" ، واتفمت على مواصلة دعم أوكرانيا إلى آخر طلمة ، بعد أن أعلن "بوتين" استعداده لحرب تدوم لسنوات ، وبعد أن تحول الصدام الدامى إلى حرب استنزاؾ صريحة متبادلة ، ال إلى حرب استنزاؾ لروسيا وحدها كما رؼبت واشنطن ، فمد تؤثر االلتصاد الروسى بترسانة 01 ألؾ عموبة ؼربية ، ولكن فى حدود اإلعالة ممكنة االحتمال ، ال إلى ؼايات اإلنهان التى تصورتها واشنطن وحلفاإها ، ولسبب ظاهر ، هو مرونة التحرن الروسى فى استبدال أسواق الطالة ، وتعويض نمص االستيراد 3 األوروبى للؽاز الروسى بؤسواق أخرى ، أهمها أسواق الصين والهند وؼيرها ، تماما كما جرى تجاوز عموبات "تسميؾ" أسعار البترول والؽاز الروسى بطرق متعددة ، والمحصلة المربية ، أن عوابد الطالة الروسية لم تتؤثر إال على نحو هامشى ، أضؾ إلى ذلن ، تطور عاللات االلتصاد ، وربما السالح ، بين بكين وموسكو إلى تحالؾ منظور ، لفزا من "عاللة بال حدود" ، جرى االتفاق عليها بين "بوتين" والربيس الصينى "شى جين بينج" فى لماء شهير ، جرى فى بكين لبل عشرين يوما من بدء روسيا لعمليتها العسكرية فى 42 فبراير 4144 ، ثم جاء السلون األمريكى باندفاعه األعمى ، ولرنه لحصار روسيا باستفزاز الصين ، من زيارات "تايوان" إلى إسماط "المنطاد الصينى" ، وفرض عموبات أمريكية على شركات التكنولوجيا الصينية ، وؼيرها من صور التنافس المحموم على نفوذ عالمى فى أفريميا والمنطمة العربية والشرق أوسطية وؼيرها ، جاءت كل االستفزازات والتنافسات ، وؼيرها من مساعى أمريكا لحصار الصين عسكريا فى شرق آسيا والمحيط الهادئ ، وأدت كل هذه التطورات للمفارلة إلى خلك ميادين حركة أوسع لموسكو ، جعلت أحالم أمريكا بعزلها نوعا من األوهام ، ومن فوابض "حالوة روح" الثيران فى أوان الذبح ، وبما جعل االلتصاد الروسى متوسط الحجم فى حال ارتياح ملحوظ ، مكنه من تدبير موارد مضافة ، وتعويض حظر التكنولوجيا الؽربية بتكنولوجيا صينية ، وبزيادة التبادل التجارى مع الصين إلى أرلام مضاعفة ، جرى مثلها مع دول أخرى على خرابط المعمورة ، وتمدمت جماعة "بريكس" االلتصادية إلى آفاق أرحب ، تستعد التصادات بارزة لالنضمام إليها ، وإلى دعم خطط موسكو وبكين فى الحرب ضد تحكم الدوالر وشميمه "اليورو" فى تعامالت التجارة وسبالات أوراق النمد ، وهو ما شجع موسكو على إلؽاء "اليورو" ـ بعد "الدوالر" ـ من احتياطيات صندولها االستثمارى ، وزاد من عزمها الرد بعموبات مضادة ، ألهبت جراح التصادات أوروبا المتحالفة التابعة لواشنطن ، وحولت سالح العموبات الؽربية المفرطة إلى طلمات مرتدة لصدر أصحابها ، وهو ما لد يمتد إلى ما يلى من عموبات ، من نوع سرلة األصول الروسية المالية المجمدة عند أمريكا والحلفاء األوروبيين ، البالؽة مايفوق 011 مليار دوالر ، ولدى موسكو إمكانية الرد الفورى عليها ، عبر تؤميم أصول ومنشآت شركات كبرى أوروبية وأمريكية على أراضيها ، تبلػ ليمتها ما يساوى ويزيد على أصول البنن المركزى الروسى المجمدة فى الؽرب ، والمعنى بعد ذلن كله ، أن ممدرة روسيا على تمويل حربها فى أوكرانيا ، لم تتؤثر كثيرا ، بينما تبدو عوارض االستنزاؾ بادية