الخميس 9 مايو 2024 مـ 01:56 مـ 1 ذو القعدة 1445 هـ
موقع هدف
موقع هدف
موقع هدف
موقع هدف
رئيس مجلس الأمناء مجدي صادقرئيس التحرير محمود معروفأمين الصندوق عادل حسين

سم المؤامرات فى عسل الصحافة

إذا كان الرخاء هو حلم أى أمة المشروع والمأمول فإن الاستقرار هو الخطوة الأولى لتحقيق الرخاء والكفاية الاقتصادية للناس.. كل محاولة لهز الاستقرار هى فعل عدائى لا يقل خطورة عن الإعلان الصريح للحرب أو التآمر على مصر بشكل مباشر.. وكلما حافظ المصريون على استقرار بلدهم كان ذلك مستفزًا لبعض الدوائر الغربية.. هذه الدوائر لا تقلقها قوة مصر بقدر ما يقلقها الطريق الذى تسير فيه مصر والنهضة التى تسعى لها مصر ونمط التنمية الذى تنتهجه مصر والذى هو بكل تأكيد خارج «الكتالوج» الغربى بقدر كبير، سواء على مستوى القوة المصرية الصلبة.. أو على مستوى طموح مصر الاقتصادى وسعيها لتطوير دورها وإمكاناتها واستثمار موقعها الفريد فى العالم.. ولكى نكون موضوعيين بقدر الإمكان يمكننا أن نقول إن لمصر بوضعها الحالى مؤيدين فى المسرح العالمى.. لكن لها أيضًا أعداء.. هذا العداء قد يعود لأسباب تاريخية قديمة «عداء دوائر المخابرات البريطانية مثلًا»، لماذا؟؟ لأن الحركة الوطنية المصرية بينها وبين الجيش البريطانى دماء وقتلى وشهداء ومقاومة عنيفة لم يتم التركيز عليها لأسباب تتعلق بالدبلوماسية.. وقد أورث هذا دوائر الأمن البريطانية كراهية عميقة للجيش المصرى الذى اعتبرته معبرًا عن التيار الوطنى المصرى منذ ١٩٥٢ حتى الآن.. ولعل فى هذا تفسيرًا لبعض المقالات الملونة بالكراهية والانحياز والمليئة بالأكاذيب التى تظهر من فترة لأخرى فى الصحف البريطانية خاصة مجلة «الإيكونوميست» وثيقة الصلة بدوائر المخابرات البريطانية ذات التاريخ القديم فى الإلمام بالشأن المصرى وتفاصيل عداء المصريين التاريخى لبريطانيا وممثليها فى مصر وعلى مسرح السياسة فى العالم فيما بعد ١٩٥٢.. هذا التوجس من مصر وعدم الرضا عن طموحها وعن استقلاليتها الواضحة فى السياسة الخارجية ورفضها أن تلعب دور التابع لأى قوة إقليمية أو عالمية.. عبّر عن نفسه فى عدد من الأشكال.. أولها الضغط الاقتصادى.. سواء عبر سحب الأموال الساخنة التى كانت الحكومة المصرية تعتمد عليها فى تمويل التعاملات السريعة واحتياجات الاستيراد وتلتزم التزامًا كاملًا بتسديد مستحقات أصحاب هذه الأموال دون أدنى مشكلة.. هذا الضغط عبر عن نفسه أيضًا فى امتناع بعض الدول الصديقة عن الوفاء بالتزامات تجاه مصر بشكل مفاجئ مع اصطناع مشاكل مختلفة تعوق وصول هذه التدفقات المطلوبة.. هذا الضغط يعبر عن نفسه أيضًا فى عدم وجود أى اتجاه لدى مؤسسات التمويل الدولية لتأجيل مواعيد استحقاق أقساط الديون أو إلغاء بعضها أو إعادة جدولتها رغم أن العالم كله يعرف أن هناك أزمة اقتصادية عالمية لم تتسبب فيها مصر وإنما تسبب فيها الغرب الذى يريدنا أن ندفع الثمن كاملًا وبالمليم وفى المواعيد المستحقة، رغم أنه حتى التجار فى الأسواق الشعبية يؤجلون سداد المستحقات إذا كان الحال نائمًا والسوق ليست على ما يرام.. وإلى جانب الضغط الاقتصادى والإعلامى الذى يشرح نفسه بنفسه فإن ثمة جزءًا خفيًا لا يعلن وهو محاولات الاغتيال البدنى لإزاحة الحاكم الذى لا يتوافق مع الكتالوج الغربى عمومًا أو يشكل حجر عثرة فى سبيل تنفيذ تصور المخابرات الغربية الذى تراه مثاليًا من وجهة نظرها عن مصر.. وعادة ما تلجأ المخابرات الغربية لوكلاء محليين أو لتنظيمات إرهابية لتنفيذ هذه المحاولات مرة تلو الأخرى مع تقديم المساعدات القوية لها حتى ولو عن طريق «الإدارة عن بعد».. وأرجو التأمل جيدًا فى معنى «الإدارة عن بعد» والتفكير فى عدد من أشهر حوادث الاغتيال التى شهدتها مصر.. فى ظل هذا المنهج المتبع بالفعل والمتعارف عليه قام تنظيم وظيفى وعميل مثل الإخوان المسلمين بمحاولات اغتيال لكل حكام مصر منذ الأربعينيات حتى الآن.. فقد اغتالوا النقراشى باشا وحاولوا اغتيال عبدالناصر أكثر من مرة، وقتلوا السادات بالفعل، وحاولوا اغتيال مبارك رغم التحالف الضمنى مع الجماعة، وحاولوا اغتيال الرئيس السيسى مرات عديدة بعضها تضمنته أوراق عدد من القضايا التى تم الحكم فيها وإعلانها وبعضها لم يتم الإعلان عنه لاعتبارات أمنية وسياسية.. ولا شك أن هذه المحاولات المتتالية هى إحدى أدوات الضغط على الحاكم الذى تصنفه دوائر المخابرات المعادية مارقًا أو خطرًا أو مشاغبًا أو غير مطيع.. حيث تشكل هذه المحاولات رسائل متوالية من جهة وتستدعى جهدًا أمنيًا ونفسيًا وتحركات معينة لا مناص من تطبيقها فى علوم الأمن والحماية الشخصية ما دامت درجة الخطر مرتفعة، وعلينا أن نتذكر ليلة دامية فى التاريخ الإسلامى قرر فيها ثلاثة من الخوارج اغتيال كل من على بن أبى طالب ومعاوية بن أبى سفيان وعمرو بن العاص.. وكان من المفارقات أن عدم اتخاذ على بن أبى طالب إجراءات الحراسة اللازمة كان سببًا فى اغتياله وفقد المسلمين له، وهو من هو علمًا ونسبًا وسبقًا.. فى حين حالت إجراءات الحراسة دون تنفيذ القتلة العمليتين الأخيرتين.. والمعنى أن الحراسة وإجراءات الأمن حال وجود خطر أمر واجب لا فرار منه ولا عيب فيه.. إلا إذا كانت الصحف الموالية للمخابرات البريطانية تريد من الزعماء المستهدفين أن يبقوا بلا حراسة حتى تسهل مهمة العملاء المستأجرين.. وهذا أمر آخر.. لن يحدث أبدًا بإذن الله.