الخميس 28 مارس 2024 مـ 03:25 مـ 18 رمضان 1445 هـ
موقع هدف
موقع هدف
موقع هدف
موقع هدف
رئيس مجلس الأمناء مجدي صادقرئيس التحرير محمود معروفأمين الصندوق عادل حسين

انتفاضة الملك.. كيف أعاد «كولر» كبرياء الأهلى من جديد؟

كولر
كولر

- اكتشف قدرات اللاعبين من جديد ووظفها بالشكل الأمثل داخل الملعب

- أنهى إصابات تاو بتقليل مجهوده الدفاعى واختيار موقعه الأفضل

- أبدع فى استخدام «4-3-3».. ووجد الحل السحرى فى حمدى فتحى

بعدما كان الأهلى على بعد خطوة وحيدة من توديع دورى أبطال إفريقيا، عبر إلى نهائى البطولة للعام الرابع على التوالى، بعدما اكتسح منافسه الترجى التونسى برباعية نظيفة ذهابًا وإيابًا.

بين يناير ومايو فوارق ضخمة، من فريق مهزوز دفاعه مباح لأى فريق ونتائجه متذبذبة، إلى مجموعة متماسكة وشخصية مرعبة تكسر كل المطبات وتقفز فوق أى صعاب.

ما الذى جرى؟ وكيف حدث ذلك؟ وهل يمكن أن يتم التحول الكلى فى هذا التوقيت الضيق؟

قبل أن نجيب عن هذه التساؤلات تفصيليًا، سأضع أمامكم تصريحًا كاشفًا قاله محمد مجدى «أفشة» عقب مباراة الترجى الأخيرة: «كل ما يصدر عن اللاعبين داخل الملعب، بدءًا بالضغط، مرورًا بالتحركات وأسلوب الدفاع والهجوم، هو تنفيذ حرفى لتعليمات المدرب، نجريه يوميًا فى التدريب».

هنا أرجع «أفشة» الفضل كاملًا للمدرب السويسرى، ولأنه خرج من حسابات «كولر» تمامًا فالأمر لا يحمل أى مجاملة، فمن المفترض أن اللاعب الذى كان نجم الشباك الأول وتحول لأسير دكة البدلاء أن يكون ناقمًا لا مجاملًا.

لكن وقائع ما جرى تُجبر «أفشة» وغيره على إرجاع الفضل لهذا الرجل، والاعتراف الكامل بدوره فى إحداث تحول غير عادى فى شكل الفريق، وعلى مستوى الأفراد قبل المنظومة والتكتيك.

«كولر» أعاد صياغة الأدوار من جديد، رسم لكل لاعب دورًا آخر ومهام مستحدثة، فاستكشف نقاط القوة الكامنة، وكأنه فيلسوف أو عالم نفس، اهتم بالدواخل والعمق، فباتت لدينا النسخة الأفضل لحسين الشحات منذ جاء إلى الأهلى، والصورة الأجمل لحمدى فتحى، وتفجر «كهربا»، وبرز نجم بيرسى تاو، ووجد محمد هانى نفسه بعدما كان منبوذًا وقريبًا من المغادرة، وهكذا كل لاعبى الفريق.

لكى تصل بكل فرد إلى أعلى مستوى ممكن، وتُخرج أفضل ما فيه، فذلك يحتاج لدراسة تفصيلية لقدرات كل لاعب، وكيفية دمجها فى منظومة خططية تستوعب هذه الملكات والقدرات بطريقة تخدمها وتبرزها لا تعوقها وتضع أمامها الصعاب.

نعم الموضوع ليس بالبساطة المتصورة، يكون بسيطًا أمامك بعد عمل شاق ودراسة وتعب، إنما الوصول لتلك الصيغة لم يأتِ بسهولة.

على سبيل المثال كيف انفجر بيرسى تاو مع مارسيل كولر؟

كانت أزمة «تاو» أنه جناح يعانى مشكلات بدنية ويُصاب كثيرًا، وهنا أدرك «كولر» أنه بحاجة لتقليل أدواره الدفاعية، لا نقول إعفاءه منها تمامًا، بل تقليصها.

لم يعد يؤدى الدور الدفاعى التقليدى لجناح الخط، الذى يعود فى كل مرة لتكوين ثنائية مع الظهير الذى يلعب خلفه، بل أصبحت مرات عودته قليلة، وزاد دوره فيما يتعلق بالضغط من الأمام.

مع تقليل العودة للخلف، امتلك بيرسى تاو مخزونًا بدنيًا أعلى وحالة ذهنية أفضل، فحينما قلصت مساحة العودة للدفاع، اتسعت مساحة التفكير فى الابتكار وخلق الحلول بالقرب من مناطق الخصم، ومع نقصان البذل البدنى فى الدفاع، زاد بمقابله فى الهجوم.

أصبح اللاعب الأكثر مهارة وابتكارًا فى الثلث الأخير من الملعب، هنا قوته الكامنة وتوظيفه المثالى لها، وهنا ظهرت مراوغاته وتمريراته المثالية وكذلك الأهداف، وبات أهم عنصر فى المقدمة.

«تاو» لاعب يجيد التسلم بميل فى الناحية اليسرى وبالقرب من العمق، بينما كان تحويله لمهاجم خسارة لصانع ألعاب مثالى، وكذلك عودته للدفاع أفقدته قوة هجومية جبارة.

لكى تعفى بيرسى تاو من هذه الأدوار الدفاعية القديمة، كان لزامًا عليك أن تجد سبيلًا لدعم محمد هانى الذى يلعب خلفه.

هنا جاء التحول إلى طريقة «٤/٣/٣»، التى كنا نكرهها ويكرهها جمهور الأهلى بسب غياب الكثافة العددية هجوميًا، فى ظل الاعتماد على ثلاثى وسط أقرب للدفاع منه للهجوم.

وكان لزامًا على «كولر» فى هذا التوقيت أن يجد حلًا ليحقق هذه الكثافة، فاكتشف ما لم يكتشفه غيره من سابقيه، حينما قرر الرهان على أدوار جديدة لحمدى فتحى.

بات حمدى فتحى هو لاعب الوسط الذى يتحول إلى مهاجم ثان حينما تذهب الكرة إلى أحد الطرفين فى وسط ملعب الخصم، فيحقق الكثافة الهجومية تارة، وأخرى يستقبل الكرات خلف المدافعين فى موقع مثالى ليسجل أهدافًا حاسمة للغاية.

بعدما كان حمدى فتحى مجرد لاعب وسط يطارد الكرة ويجيد فى الكرات الهوائية، أصبح أهم ورقة خططية تُحدث تحولات وتغير الأمور وتفاجئ الخصوم، بأدوار مركبة وصعبة، فقدم للأهلى وللكرة المصرية هدية عظيمة يجب أن يستفيد منها روى فيتوريا مع المنتخب لاحقًا.

وأظن ما قدمه حمدى فتحى على يد «كولر» هو المخرج والسبيل لتنفيذ خطة «٤/٣/٣»، التى كنا نقدمها فى أسوأ صورة مع مدربى الأهلى السابقين، حتى مع «كيروش» فى المنتخب افتقدت الجدوى الهجومية، فقط لأن أحدهم لم يفهم ما فهمه «كولر»، ولم يعثر على ما وجده ككنز داخل حمدى فتحى.

«كولر» قرأ قدرات «كهربا» ووعيه العالى فى التحرك واختيار مواقع مثالية، فجعله دائمًا أقرب لاعب للمرمى. بحث عن صيغة لتفريغ مساحة له ثم تقديم التمريرة المثالية، وهنا برع «كهربا»، وسجل أهدافًا كثيرة.

«كهربا» لاعب إذا أرهقته دفاعيًا فى الجناح، مثلما كان يفعل السابقون، فستفقد أهم مُنهى هجمات فى الكرة المصرية، هذا ما آمن به السويسرى وترجمه لواقع، فقدم لنا قناصًا يعرف كيف يتحرك ومتى يسدد وبأى طريقة يُنهى.

وهو يستكشف قيمة «كهربا» ويعيد توظيفه، مثلما أعاد توظيف «تاو» وحمدى فتحى، كان يبحث عن الممر الأفضل.

لذا استخدم محمود متولى فى الدفاع أكثر من ياسر إبراهيم، لأن تمريرات الأول دقيقة للغاية، بجانب أدوار «تاو» فى الصناعة، لاستغلال دقته وذكائه فى التمرير أيضًا.

كما قلنا إنها عملية متشابكة ومرتبطة ببعضها البعض، وكانت بحاجة لرجل حكيم وخبير بتفاصيل اللعبة، وبإمكانات أدواته التى يحوزها.

كذلك حسين الشحات، بدلًا من دفعه للتسلم على الخط، استخدمه أكثر حول «كهربا» وبالقرب منه، ليستغل مكره فى الاختراق، ويجعله قريبًا أكثر للمرمى، فنجح نجاحًا كبيرًا.

إلى جانب كل هؤلاء، كان مروان عطية وقدومه للأهلى فى هذا التوقيت «ضربة المعلم» التى أحدث معها فارقًا كبيرًا، وهذه ستحتاج إلى عرض منفصل، لنكشف كيف تسبب هذا الرجل فى التحول الكامل داخل الملعب.

فبفضل قدوم مروان عطية، لم يعد الأهلى يشعر بغياب عمرو السولية حينما يصاب، وهو اللاعب الذى كان يُحدث شرخًا كبيرًا بغيابه، وبسبب وجود مروان عطية أصبح حمدى فتحى يداور ويجلس بديلًا فى أوقات كثيرة، مثل مباراة الرجاء فى القاهرة، فنال قسط الراحة المناسب، ولم يعد يصاب مثلما كان يحدث له فى السنوات الماضية.

وبفضل مروان عطية أيضًا، أصبحت لدى الأهلى درع حامية أمام خط دفاعه، بروح جديدة ومهمة وجاءت فى توقيت مثالى، مع الخمول الذى أصاب البعض، على رأسهم أليو ديانج، فأعاد تحفيزه من جديد.

كان مروان عطية الورقة السحرية التى قلب بها «كولر» الموازين وفعل من خلالها كل شىء، لكن ما فعله مع كل الأفراد حوله واستكشاف أفضل ما فيهم، يعبر عن مدرب متمرس وصاحب فكر عميق فى الجوانب التكتيكية، وكذلك النفسية.

من هنا وقبل المباراة النهائية، وجب القول إنه بصرف النظر عن أى نتيجة، فإن «كولر» إضافة عظيمة، ليس للأهلى فحسب، بل للكرة المصرية، وأنه آن أوان امتلاك مشروع عظيم يستحق الثقة والعمل الاستراتيجى والدعم الكامل من الصيف المقبل، فرغم كل النواقص التى كانت بادية على الأهلى أحدث هذه التحولات بصفقة وحيدة، فماذا لو فتح محمود الخطيب خزائنه ومنحه ٣ أو ٤ صفقات يحتاجها ويحتاجها الفريق؟